الأربعاء، 5 أبريل 2017

¤•~| تدبر سورة الإخلاص..|~•¤

■ رد الله فيها على اليهود الذين قالوا عزيرٌ ابن الله، وعلى النصارى الذين قالوا المسيحُ ابن الله، والعرب الذين قالوا الملائكة بنات الله.

■ قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم يا محمد اُنسب لنا ربك، أي : قل لنا من هو وما نسبه وما عشيرته .. فنزل قول الله عزوجل
 (قُل هُوَ اللّهُ أحَد ......)

■ هذه السورة سببٌ في نيل محبة الله، وذلك أن رجلا بعثه رسول الله على سرية وكان يصلي بأصحابه فيختم بـ (قُل هُوَ اللّهُ أحَد)، فذكروا ذلك لرسول الله فقال: سلوه لأي شئ يصنع ذلك؟؟
فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال عليه الصلاة والسلام: " أخبروه أن الله يحبه"..
ومحبة الرب لعبده منزلة الكل يتمناها والكل يتشوق لها ويتنافس عليها، فالله إذا أحبَّ عبداً تولاه ولم يعذبه..

■ وهي سببٌ في دخول الجنة،،
أقبل أبو هريرة رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع رجلا يقرأ (قُل هُوَ اللّهُ أحَد...) 
فقال: وجبت.
فسألته: ماذا يارسول الله؟ فقال: الجنة.

■ وهي تعدل ثلث القرآن،،
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: " أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قالوا وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: (قُل هُوَ اللّهُ أحَد...) تعدل ثلث القرآن.

■ ومن أراد أن يُرزق الإخلاص في توحيده وأقواله وأعماله فعليه بتدبر هذه السورة والعمل بمقتضاها..نسأل الله أن ييسر لنا هذا...

(٢) {قل هو الله أحد}
 
■ قل يامحمد قولاً جازماً يقينياً معتقداً فيه أن الله هو الأحد الذي انحصرت فيه الأحدية، وكلمة أحد عند العرب تستخدم في الشئ المتفرد الذي لا  ثاني له ولا شبيه له..فهو سبحانه وبحمده أحدٌ في ذاته، أحدٌ في صفاته، أحدٌ في أفعاله، لا شبيه ولا مثيل ولا نظير ولا ندّ له...
لا ولد له فيُكنى به فيقال أبو فلان..
ولم يُولد فيقال ابن فلان..

■ لفظ (أحد) أدق وأخص من لفظ (واحد)  فهو إثباتٌ لوحدانية الله وأنه لا شئ غيره معه وأن ليس كمثله شئ.
وبذلك يتحرر القلب من جميع القيود...
وينسكبُ في القلب الطمأنينة ويعرف المتجه الوحيد الذي يتجه إليه في الرغبة والرهبة، في السراء والضراء، في النعماء والبأساء..
إنه تحقيق الإخلاص في تسليم هذا القلب بكليته لله ..
■ ومن هنا يفهم القارئ لهذه السورة لماذا ذكر الرازي لها عشرين اسماً من أشهرها
سورة (التفريد)، و(الولاية) و(المعرفة) و (الجمال) و( الأمان)........

إنها سورة التوحيد وإخلاص العبادة لله وتوحيده وتنزيهه عن كل نقص وشرك...

(٣) {الله الصمد}

■ معنى الصمد اللُّغوي: السيد المقصود الذي لا يُقضى أمر إلا بإذنه،
وحقيقة الصمدية: هو الذي يحتاجه كل أحد ولا يحتاج هو سبحانه وبحمده لأحد.

■ أهل العالم العلوي والسفلي كلهم يفتقرون إليه غاية الافتقار، وكلهم يصمدون إليه بحوائجهم..
المريض يصمد إليه، الفقير يصمد إليه، المظلوم يصمد إليه..الحيتان في البحر، الطير في السماء، البهائم في الصحراء تصمد إليه...كل الخلائق تصمد إليه.

■ رأى أحد العُبادّ بهيمةً تعسرت ولادتها، واعترضَ جنينها في بطنها، وهي بهيمة لا تعرف أن تشتكي أو تتكلم ولكنها ماذا فعلت؟؟
رفعت عينيها إلى السماء وذرفت دموعها.. فلما رآها العابد بكى وقال: حتى البهائم صمدت لربها ونحن لم نصمد..!

■ كم وكم من لحظات كربٍ وضيقٍ وأوجاعٍ ومصائب مرت علينا ولم نحقق فيها عبودية الصمدية لله...؟!
لجأنا للخلق، وطرقنا أبوابهم، وتذللنا لهم، وانتظرنا عطائهم، ونسينا أو تغافلنا، ولربما ثقُلَ علينا أن نصمد لربنا...
تعودت قلوبنا على الالتفات للخلق، والأسباب، والواسطات، ونسينا الصمد المقصود وحده بالحاجات...

(٤) كيف نربي أنفسنا على عبودية الصمدية؟

■ فرغ قلبك من الناس ومن الأسباب،
فكل من هم حولك سيأتي وقت وتستغني عنهم ولكن الله عزوجل لا غنى لك عنه طرفة عين، ولو وقع في قلبك الاستغناء عنه بشئ معين اُبتليتَ بما استغنيت به، فيكون هو بذاته سبب هلاكك.

■ اعلم أن الطلب من الناس يظل دائما ثقيلا وصعبا مهما كان الشخص الذي أمامك كريما سخيا إلا أنه من كثرة الطلب سيملّ منك، بينما في المقابل كثرة طلب الله وسؤاله والإلحاح عليه يُدخلك في زمرة المحبوبين عنده فالله يحب الملحين في الدعاء.

■ تيقن أن كل أحد هو بعيدٌ عنك مهما كان قريبا إذا قارنته بقرب الله منك، فالله أقربُ إليك من حبل الوريد..فلماذا تصمدُ للبعيد وتترك الصمود لمن قريبٌ منك (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ....)
■ تأمّل من تريد أن تطلبه من الناس وتريد بره ومعروفه، تحتاج أن تشرح له وضعك وظروفك وحاجتك، ولربما طلب منك أوراقا، وحدد لك مواعيدا فتصبح معه بين ذهاب وإياب، وذلة وعناء بينما بر الله يأتيك بدون شرحٍ ولا تفاصيل وبدون أوراق وبدون تعب وعناء، يأتيك وأنت جالسٌ في مكانك لم تتحرك منه فقط ارفع يديك وقل (ياصمد)،
قلها بيقين ..
فــ"الكفاية ُتأتي على قدر اليقين" ...

(٥) تابع لتربية النفس على عبودية الصمدية:

■ من عظُم يقينه بربه يسر له الأسباب ولم يكله إلى نفسه ولا إلى الأسباب..

تأمل في حال زكريا عليه السلام، لما قطع نظره عن كل الأسباب ولغاها، واستوهب ربه وقال: ربي هب لي من لدنك ذرية طيبة،، وضع أملهُ كله في الله وكأنه يقول يارب أعطني وإن فُقدت الأسباب واستحالت فأنت الرب الوهاب الذي تعطي بدون أسباب..هذا كان يقينه....
فجاءته الإجابة وجاءته الكفاية (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى....)

■ إنه اليقين الذي يجعل العبد كلما ازداد بلاؤه ازداد حسن ظنه بربه.

■ إنه اليقين الذي يجعل العبد يأتيه فرجه من داخله ومن نفسه قبل أن يأتيه من الخارج، فلو أنه كان كتلة من الألم تتحرك على الارض إلا أنه يستروح الفرج وكأنه يراه بين عينيه! 
وكما يُقال..( من كان له أب فلا يحمل هماً فكيف بمن له رب..!)

(٦) إذا فهم العبد وأيقن بوحدانية الله والصمود إليه ....

■ فإنه سُيظهر له فقره ومسكنته وحاجته في كل وقت وفي كل حين، سيزيد إلحاحُه ودعاؤه وحسن ظنه، والدعاء من أعظم الدلائل على تحقيق التوحيد..

■ عظُم إخلاصه وكثُر صدقه وعظمت استعانته واستغاثته، وتوكله، وزادت عبودياته القلبية..

■ كثُر استغفاره وزادت خشيته، وكلما تذكر ذنوبه السابقة وما لطّخ به صحيفته بكى وذرفت عيناه ووجل قلبه وسأل ربه أن يسترها عليه في الدنيا والآخرة..

■ ترقى في سُلم التوحيد،،
والتوحيد هو رأس مال العبد يوم القيامة، وهو أبرك وأهم بضاعة يرحل بها من الدنيا .. فالجنة لا تُنالُ إلا بالتوحيد...

اسأل الله أن يُحيينا على التوحيد ويميتنا عليه وأن يعبر بنا توحيدنا وننجُو به يوم القيامة...

•••تم بحمد الله الانتهاء من تدبر سورة الإخلاص.
______________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق