الخميس، 2 فبراير 2017

🌿•°[و ما توفيقي إلا بالله]

• التوفيق خزائن مفاتيحها بيد الله عزوجل، يُعطي منها أناسا ويمنع آخرين ...
والله إذا أعطى أعطى بحكمة،
وإذا منعَ منع بحكمة..!

• كلنا يتمنى التوفيق، وكلنا يبحث عنه .. فهو إكرامٌ من الله للعبد وهو أعظم ما ينزل من السماء ..

• عرّفه ابن القيم بقوله:
" التوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسِك.."

بمعنى:
أن لا يخلّي الله بينكَ وبين اختيارك، ولا يخلّي الله بينك وبين ما تشتهي وتحب وتدبر وتخطط ..
بل هو يتولى أمرك ..
يدبر شأنك ..
يسدد اختيارك ومسارك ..
يسُوقك إلى كل ما فيه منفعتك في الدنيا والآخرة، فتدخل في دائرة العناية الربّانية والتوفيق الإلهي .. لتصبح عبدا موفقا بتوفيق الله لك ....
_____________

● كيف ترزق التوفيق ؟ 

• السبب الأول: وهو سر التوفيق الأكبر .. إنه (الحبّ) ..!
لو كنتَ عبدا محبوبا لوفقت، المحبُوب موفّق.

• إذا نادى الله في السماء: (يا جبريل إني أحب فلان ...)
ونادى جبريل: (يا أهل السماء إن الله يُحب فلان ...)
نزل التوفيق، وسِيق لهذا العبد بكل صوره وأشكاله ..

وتأمل صورا منه كما جاء في الحديث القُدسي:
(... فاذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها.....)

يُبارك له في جوارحه وغُدوّه ورواحه  ببركة عجيبة، ليس لها تفسيرا إلا أن التوفيق نزل وأحاطه من كل جوانبه ...

• سُلَّم الحبّ يبدأ من الفرائض،
[تفقد فرائضك، وعلى رأسها التوحيد والصلاة ...]
وبعد الفرائض زِد في نوافلك، نوافل الصلاة، نوافل الصدقة، نوافل البِرّ و الصّلة، نوافل العمرة و الصيام، ...

كلما زِدت في النوافل زاد الحب، وإذا زاد الحب .. تتابع التوفيق ودخلت في دائرته ...
_____________

•السبب الثاني: التقوى ،،،

(اتق الله حيثما كنت .....)، يقولون عن التقوى أنها المعرَاج الأكبر في السّفر إلى الله ..

• التقوى ليست كلاما أو مظهرا إنما هي عمل، هي ترك لكل ما نهى الله عنه..

• درجاتها متفاوتة:

تبدأ بترك البدع والكَبائر ..
ثم يرتقي أكثر في تقواه فيحذر من الصغائر  _ وإن كان لا يسلم منها أحد_ إلا أنه يكون منها على حذر وسرعة توبة ..

ثم يزيد في تقواه أكثر فيترك المكروهات والأمور المُشتبه فيها..  

ثم يجاهد نفسه على ترك الفُضول وكثرة المباحات، فإنها كثيرا ما تُعرقل العبد وتُعيق سَيْره..!

حتى يصل إلى أعلى درجات التقوى حين يراقب خواطره ...!
فيترك تلك الخواطر التي قد تُسقطه من عين الله، لأنه يعلم أن ميزان الله تبِين فيه الذرة !!

ومع كل ترك يتركه في حياته يتدفق  عليه التوفيق وتُصبّ عليه بركات من السماء والأرض { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ } ...
____________
• السبب الثالث: أمور البواطن ،،،

يقول ابن القيم رحمه الله :
(نظرتُ في توفيق الناس فإذا هو معقودٌ بالمحل )..

والمحل هو القلب، فالقلوب هي مستودع العلم، ومستودع التوحيد، ومحل نظر الرب ..
والله يقول { إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا .....}

هذه القلوب كالأوعية تُعبأ وتفرّغ، وكلما فرغت وعاءك وطهرته ملأهُ الله لك خيرا وعلما وفهما وبصيرة ..

وكما يقال "إذا رأيت عبداً مرزوقاً فاعلم أن العلة تكمن في قلبه..! "

إنه القلب .. أنفس وأشرف وأغلى عضو في الإنسان، وأهم ما يقوم فيه قضية [الصدق مع الله]..

فمدارُ الأمر قائمٌ على الصدق ، ومن صدق الله صدقه الله وسيق له التوفيق ..

لذلك كانت أكثر مكابدات السلف رحمهم الله في تطهير قلوبهم لا في الاستكثار من أعمالهم، لعلمهم أنه المحك الذي يرتبط به التوفيق..

فداوي قلبك وأصلحه فالله وحده هو الذي يعلم مالذي يدور في قلبك...
____________

• السبب الرابع: الانكسار ،،،
يقولون: أوعية الدنيا إذا كُسرت فرُغت من كل شئ، إلا القلب لن يمتلأ حتى يُكسر..!

• ما هو الإنكسار؟
هو أن يفرغ العبد من مشاهدة نفسه وحاله ويقف على قدم الإفلاس بين يدي ربه... 

• تلك القلوب المتوضئة الطاهرة المخبتةُ الذليلة .. المختبئةُ في زوايا الدنيا والتي لا يعرفها الكثير من الناس .. و لا يلتفتون لأصحابها ولا يأبهون بهم ..
وكم في الزوايا من خبايا...

وتأمل هذه النماذج:

• " رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع ٌ بالأبواب لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره...."

• " إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي ..."

• ومن أهل الجنة "كلُ ضعيفِ مُتضعّف" ..

• ذاك الرجل الذي سأل رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يا رسول الله متى الساعة؟
فرد عليه رسول الله: وماذا أعدت لها؟
جاء في رواية : فخشعت نفسه
صمت، ذل، انكسر، افتقر، استقل عمله، وأنه ليس عنده شيء إلا الحب!!
فجاء بالحب .....
"ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام إلا أني أحبُ الله ورسوله...!"

قلوبٌ تحملُ بريق الانكسار ....
_____________

• السبب الخامس: البر ،،،
 
البرُ يفتحُ أبواب التوفيق باباً تلو باب..
تأمل الأثر الذي ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:
" ما من مسلم له والدان مسلمان يُصبحُ إليهما محتسباً إلا فتح الله له بابين من الجنة .. و إن كان واحداً فواحد .. وإن أغضب أحدهما لم يرضى الله عنه حتى يرضى عنه" قيل لابن عباس: وإن ظلماه؟ قال: "وإن ظلماه..!"

• ما قُفل بابٌ في وجه بارِ أبداً، فما من مسلم يستقبل يومه ويبدأ من باكورة يومه بنية الإحسان لوالديه إلا كان هذا سببا من أسباب التوفيق له في يومه كله..

• وأبلغ البر أن تبر والديك عند الأذية والظلم تعبدا لله وتعظيما لوصية الله وتقديما لما قدمه الله ...

وأعلم أن ما من جهدِ بذلته لأم أو أب كبيرا كان أو صغيرا إلا وادخره الله لك {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } ..

• يقول ابن عباس رضي الله عنهما:
" لا أعلم عملاً أقرب إلى الله من بر الوالدة..! "

اللهم ارزقنا بر والدينا أحياءً وأمواتا .. واجزهم عنا بخير ما جازيت والد عن أولاده ...
_____________
• السبب السادس: الصلاة ،،،

• من أكبر المفاتيح التي يستمطر بها العبد توفيق الله له .. فيها سرٌ كبير ، ولها شأنٌ عجيب في الفتح.

من أقامها استقامت له حياته...
فرأس الأمر الإسلام وعاموده الصلاة، فإذا سقط العامود سقط كل ما ارتكز عليه.. 

• أرزاقها كثيرة ..
فكل ما اهتممت بصلاتك وحرصت عليها وأتممتها وأحسنت فيها ...

° رُزقتَ المعية {إِنِّي مَعَكُمْ ۖ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ ...}
والمعية تقتضي التسديد، العناية، الرعاية، التوفيق ...

° رُزقت الحفظ والعصمة {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ...}

° رُزقتَ المعونة {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ...}
تُعان في سائر شأنك، حتى في دعوتك للناس وتعاملك معهم وصبرك على أذاهم.

تُعان على نفسك وعلى ترك الغدرات والفجرات والشهوات والذنوب،
يخفّ عليك الترك ..!
تأمل هذه الاية...
{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ...}

فتش في صلاتك ..
فتش في شهواتك ..
فتش في خارطة يومك وأسبوعك وشهرك ..
فبقدر ما تكف عن شهواتك بقدر ما تعان على إقامة صلاتك ...

° تُرزق النور .. قال صلى الله عليه وسلم : " الصلاة نور .."
نورٌ لصاحبها في الدنيا ونورٌ له في الآخرة.. 

ولكن قلّ حظنا من هذا النور وهذا الحفظ يوم أن قلّت إقامتنا وإحساننا في صلاتنا...

يارب نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعلنا من المحسنين في صلاتهم، ممن يُقيمها حق إقامتها ..

يارب أعنّا فإن لم تُعنّا لن نُعان ...
_____________

• السبب السادس: الدعاء ،،،

كل خيرِ فأصله توفيق الله للعبد ومفتاحه الدعاء ..

فليس شيء أكرم على الله من الدعاء، وكلما لزم الإنسان الأدعية الواردة في الكتاب والسنة، فهذا أكمل وأجمع وأتم وحصّل من الخير الكثير ..

• تأمل هذه الدعوة التي وردت على لسان الراسخين في العلم كما جاءت في القرآن {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}
يقول المفسرون أن هذه الرحمة تشمل :

°أن يحصل في القلب نور التوحيد والإيمان ..

°وأن يحصل في الأعضاء نور الخدمة والطاعة ..

°وأن يحصل له في الدنيا سهولة أسباب المعيشة وتيسر الأسباب وصلاح الأحوال ..

°وأن يحصل له عند الموت سهولة سكرات الموت ..

°وأن يحصل له عند القبر سهولة السؤال ..

°وأن يحصل له في القيامة غفران السيئات ..

كل هذه الرحمات هي توفيقُ من الله،
و لا يهبها ولا يعطيها إلا الله،
ولا تُستجلبُ إلا بالدعاء ...
_____________

• السبب الثامن: التوبة ،،،

• التوبة في أصلها توفيقُ من الله،  فالله يُقبل بقلوب من يشاء من عباده ويصرف قلوب من يشاء..

والله أعلم بعباده، من يستحق التوبة فيوفقه لها ويعينه عليها وييسر له أسبابها ..
ومن لا يستحقها فيحول بينه وبينها ويصرفه عنها  وهو العليم الحكيم ..

•ومن تأمل أرزاق التوبة وأفضالها لرأى التوفيق مجسدا أمامه ..!

فالله يفرح بتوبة التائب، وفرحه مستلزمُ لرضاه، ومن رضي الله عنه أتته الأرزاق من حيث لا يحتسب ...
•التوبة مقتضاها الهدم، أي أن الله يمحو الذنب من صحيفته وكأنه لم يفعله!!
ما أعظمه من رزق..!

• يبدل الله سيئاتهم حسنات، والتبديل على إطلاقه .. وهذا أيضا رزق ...
•يزيل الله الآثار السيئة التي كانت في عقول الناس عن هذا الإنسان فينسون ماضيه وهناته وزلاته وسقطاته، وينشر الله له السمعة الطيبة والذكر الحسن...

بل وقد يرتقي إلى أن يوضع له الحب والقبول والهيبة والاحترام في قلوب الناس، ويظل يرى من ألطاف الله به ما لا يخطر له على بال..!!

إنها التوبة وأرزاقها ....

اللهم تب علينا لنتوب، وارزقنا توبة نصوحا نستدر بها أفضالك وألطافك ورزقك وتوفيقك.. 
يارب إن لم تعنا لن نعان، فلا حول ولا قوة إلا بك ..

•• وهكذا ختمنا سلسلتنا، فالحمدلله الذي تتم بنعمته الصالحات ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق